العمالة غير المنتظمة .. هموم وتحديات
بقلم .. محمود حجاج .
يمكن تقسيم القوة العاملة فى اى دولة من دول العالم لخطين اساسين هما العمالة الحكومية والعمالة الخاصة . واذا كانت العمالة الحكومية تمثل الجهاز الاداري للدولة حيث تضمن الدولة ممثلة فى وزاراتها وهيئاتها حقوق هذه الفئة فان العمالة الخاصة تمثل كل من يعملون خارج نطاق الجهاز الاداري وتقسم العمالة الخاصة كذلك لعمالة منظمة وترعاها الشركات الخاصة او اى هيئة خاصة يعمل من خلالها الموظف او العامل حيث تضمن له حقوقه كنظراءه فى الهيئات الحكومية.
اضافة للعمالة المنظمة التى تنتظم داخل مؤسسات خاصة هناك عمالة غير منتظمة وهى تلك التى لا ترعاها اى جهة سواء حكومية او خاصة فهم يعملون بشكل حر وهم العمالة الحرة واصحاب الحرف والمهن المختلفة من نقاشين وسباكين وغيرهم وهم الفئة المستهدفة للمقال .
ساهمت هذه الفئة المجتمعية بشكل حيوي ومهم فى بناء كثير من المنجزات البشرية سواء فى الماضي او الحاضر ،فأعظم آثار الماضي كانت من صنع أياديهم كالأهرامات ومعابد مصر القديمة التى تنتشر على طول الجغرافية المصرية ، وفى الماضي القريب كان من أوائل الأعمال التي قام بها العثمانيون حينما جاءوا الى مصر ارسال العمالة المصرية الى بلادهم كي يستفيدوا من خبراتهم المتراكمة .
عاشت العمالة غير المنتظمة فترات طويلة من التهميش حتى مع ظهور نظام الطوائف التى عادلت النقابات العمالية فى وقتنا الحاضر . فقد كانت الطوائف هى للحرف والصناعات فحسب بينما صغار العمال من الاعمال البسيطة يصعب ضمهم فى طائفة معينة لاسيما اذا كان الامر يتعلق بقرى متباعدة على طول الجغرافية المصرية.
وعلى الصعيد الاخر عملت الطوائف وشيوخها على الحفاظ على حقوق الصناع والحرفيين الذين مثلوا العمالة غير المنتظمة وقتذاك . ويرجع تاريخ نظام الطوائف الى نهايات العصر العثماني وان كان قد ظهر بعض اشكال الطوائف ربما لابعد من هذا التاريخ بكثير .
ولأن طبيعة عملهم تفرض عليهم دوما الاستقلالية كانت العمالة غير المنتظمة تواجه اخطار اقتصادية واجتماعية جمة ولازالت ،ففي زمن الحروب والازمات كانوا هم الاكثر ضررا ذلك ان طبيعة عملهم تفرض عليهم ان يعيشوا يوما بيوم فاذا عجز العامل عن العمل فهذا يعني نهاية الحياة بالنسبة له ولأسرته التى يعيلها .
انتبهت الدول الأوروبية لهذه المشاكل مبكرا لذلك ظهرت شركات ذات الطبيعة الواحدة ينتظم خلالها العمال بدوام يومي مقابل مرتب شهري يقتطع منه قيمة المعاش والتأمين الصحي وربما كانت دول العالم الثالث فى أمس الحاجة لتطبيق هذا النظام فى القريب العاجل