تقارير و تحقيقات
أخر الأخبار

عفوا أيها السادة .. مصر هى الدنيا

Spread the love

منذ بداية شمس فجر التاريخ فى السطوع معلنة عن بدء رحلتها على الأرض ، كانت مصر حاضرة وبقوة بحضارتها وثقافتها ، فى ظل غياب تام لأى شئ آخر .. فاستمد التاريخ واستلهم معطياته من أرض الكنانة التى لولا وجودها المبهر ماكان أحدا ليفكر فى تدوين أحداث التاريخ ، لأنه وببساطة لم يكن هناك ما يستحق الذكر سوى أحداث الحضارة المصرية ، التى ألهمت باقى الشعوب لتكوين حضارات خاصة بهم ، مثل الحضارة البابلية والآشورية و اليونانية وغيرهم ، فكانوا بمثابة الأقمار التى تدور حول الشمس سابحة فى فلكها ..
فمصر هى المعلم والمثل الذى يحتذى به طوال تاريخها ، فكان لزاما عليها ان تتولى دور القائد والمعلم والمحرك الرئيسى للأحداث لعظم مكانتها ، ولتميز موقعها الجغرافى فى قلب قارات العالم القديم .
فمنذ أكثر من 7 آلاف عام قدّم المصري القديم للعالم الوليد إنجازات مبهرة في الهندسة، والفلك، والطب، والتنظيم الإداري. الأهرامات والمعابد والنقوش الباقية حتى اليوم شاهدة على عظمة حضارة لم ينجح العالم حتى الآن فى فك طلاسمها كاملة ، فهى ليست مجرد آثار صامتة، بل شواهد على عقل مفكّر وشعب مبدع بالفطرة ، فهى كالنهر المتجدد الذى كلما سبحت فيه تعرض جسدك لمياه جديدة ومختلفة عن سابقتها .
ومع مرور الزمن لم تنطفئ شعلة مصر الحضارية ، بل ازدادت تألقًا وتوهجا مع دخول الإسلام ، فأصبحت القاهرة مركزًا علميًا وثقافيًا، واحتضنت الأزهر الشريف، منارة للعلم الديني والعقلي لمئات السنين ولا تزال ، وتولت مصر وحدها الدفاع عن العالمين العربى والإسلامي ضد الهجمات الشرسة التى حاولت نهشهم على مر العصور .
واستمرت مصر في ممارسة دورها القيادي على الساحة الإقليمية والدولية فى العصر الحديث ، سواء من خلال مواقفها السياسية القوية والحاسمة ، أو بدورها الثقافي والإعلامي، أو من خلال تأثيراتها الإقتصادية والعسكرية على صناع القرار فى شتى بقاع الأرض .
وبرغم التحديات، ظلت مصر صاحبة الكلمة المسموعة عربيًا وإفريقيًا. فهي قلب العالم العربي والإسلامي ، وشريك لا غنى عنه في جميع قضايا السلام، والتنمية، ومكافحة الإرهاب.
وبطبيعة الحال ، امتلأت صفحات التاريخ بشخصيات مصرية تركت بصمات لا تُمحى فى صفحات الإنسانية جمعاء ، فى كافة المجالات والنواحي .
ففي عصور الفراعنة يبرز اسم الملك مينا ، موحد القطرين، كبداية تأسيس دولة قوية موحدة بدلا من التفتت والإنشطار ، تلته شخصيات لامعة مثل الملكة حتشبسوت، التي جسدت نموذجًا نسائيًا فريدًا في الحكم، ورمسيس الثاني الذي خلد اسمه بانتصاراته ومعابده العظيمة وأول من لقب ببطل الحرب والسلام .
وفي العصور الوسطى تجلّت عظمة مصر مع شخصية  صلاح الدين الأيوبي، الذي لم يكن فقط حاكمًا عسكريًا، بل رجل دولة وضع لمصر هيبة في الداخل والخارج، وامتد تأثيره إلى القدس والشام ، تلاه محمد علي باشا الذي أسس الدولة الحديثة وأطلق مشاريع نهضوية في التعليم والصناعة والزراعة والجيش كانت النبراس والشعاع الذى اهتدت وسارت على دربه بقية دول العالم .
أما على الجانب الدينى لم تخلُ مصر من الأثر الروحي. فمن الإمام الشافعي إلى الشيخ الشعراوي، ومن الأنبا أنطونيوس إلى البابا شنودة الثالث ، كانت مصر ولا تزال منارةً للفكر الديني المعتدل، وموئلًا للتسامح والروحانية.
وفي العصر الحديث، كان جمال عبد الناصر تجسيدًا لحلم الاستقلال العربي والوحدة، وبفضله عادت لمصر مكانتها في العالم الثالث وحركة عدم الانحياز ، مرورا بالزعيم الراحل محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام فى العصر الحديث ، للرئيس محمد حسنى مبارك الذى قاد البلاد فى ظل ظروف صعبة بعد معركة أكتوبر المجيدة التى أبهر فيها الجيش المصرى العالم بأسره – فهى معجزة العصر الحديث – وكانت مصر وقتها بحاجة لجهد شاق ومضنى ، نهاية بالرئيس عبد الفتاح السيسى الذى تولى حكم البلاد وسط أحداث وعواصف عاتية على كافة الأصعدة الإقتصادية والسياسية والمؤامرات الدولية المستمرة والتى لم تدخر وسعا فى محاولة إنهاك البلاد والقضاء على مقدراته ، ولكن الله لا يترك مصر ولا يتخلى عنها أبدا ، فسخر لها من يقود شراع سفينتها وسط لجة الأمواج العاتية ليرسو بها بكل هدوء وثقة على شاطئ المستقبل الطامح والآمن ..
ولا يزال التاريخ لم يغلق صفحاته .

إن مصر ليست مثل الدنيا ، بل هى الدنيا نفسها ولا شئ سواها ، لأن مثل الدنيا ، تعنى وجود الدنيا ووجود مصر مساوية لها ، وهذا غير حقيقى ، فمصر وجدت أولا ثم جائت الدنيا بعدها ، لتحبو على آثار خطوات أقدام مصر نحو التاريخ والحضارة ..

عفوا أيها السادة .. مصر هى الدنيا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق